السفير نيوز
” حوار: أماني الرشدان /قسم الاعلام الرقمي/جامعة العقبة للتكنولوجيا
لم يكن النجاح أبداً وليد الحظ أو اللحظة العابرة، بل محفوف بسياقات الرفض والنقد والحزن ، ومغلف بلفائف الفشل والرفض وخيبة الأمل، وموصوم بالإصرار والجد والدأب والتعب، فعلى مدار التاريخ لم نجد ناجحاً بالفطرة ، ولا عبقرياً بالوراثة، ولا مؤثِراً يرفل في سرابيل السعادة ورغد العيش، الكل عانى قسوة الحياة وكابد شظفها وويلاتها حتى يصل لقمة المجد، وهذا حال الجميع تقريباً بمختلف سياقات الحياة، على أن هذا الأمر واضح جلي في مجتمع الفن والفنانين، فالصورة النمطية للفنانين تلاقي في مجتمعنا الرفض مما يحتاج الكفاح من أجل البقاء هي حقيقة واقعة على مدار التاريخ. على الرغم من أن القليل منهم اكتسبوا في النهاية تقديراً خلال حياتهم لمساهماتهم الفنية ، إلا أن معظمهم لم يحظوا بالتقدير الكافي ولن يعرفوا أبداً الإرث الفني الذي سيتركونه وراءهم . ربما جعل هذا من الفنان انس القرالة أكثر اهتماما وشغفا لمعانقة الفن بكل تفاصيله ، فلا يزال فنه وحياته تطارد شغفا وتثير فضولا لنتعلم منه ونأخذ منه الدروس والعبر في الأمل والصبر والإرادة والتصميم والنظر للمستقبل بمزيد من التفاؤل والرضا . بالسياق التالي كغالبية الفنانين الأردنيين كان التمثيل والمسرح شغفه وبيته منذ طفولته، كان يشعر من خلاله بالفرح لقربه من الجمهور، لم تقف ظروفه الحياتية الصعبة عائقا امام طموحه بل تسلح بالعزيمة والارادة ليشق طريقه بثقة وثبات نحو الهدف ، بيدا أن دعم والديه وأساتذته في المدرسة ترك اثرا كبير في نفس انس القرالة ابن الكرك.
وشق القرالة منذ طفولته طريقه بشغف ساعي وراء حلمه ، بدءا بالولوج لعالم الفن، مستهلا هذه البداية بالمسرح المدرسي ليعلن انطلاقة جديدة نحو بوابة الإبداع الدرامي والمسرحي، رساما بريشة موهبته لوحته يبصمته مميزة في التمثيل.
لم تقف الظروف الصعبة أمام الخمسيني القرالة بحسب ما قال : حاجزا امام طموحه رغم شح الحال وصدامية التقاليد ليسجل أكثر من تسعين عملا فنيا بمسيرته الفنية ؛ أبرزها «خط التماس» و«لما شفتك» و«ذهب أيلول»، قاطفا ثمار مجهوداته بجوائز تقديرية وتكريمة اردنية وعالمية.
ويضيف القرالة : كانت الانطلاقة ” من الأفلام القصيرة، ومن معهد البحر الاحمر للفنون السينمائية، ليحصد عشرين عملا فنيا أبرزها «مهرجان القاهرة السينمائي» و«مهرجان أبو ظبي السينمائي» مثمنا فضل هذا المعهد لما له فضل كبير .
وتنوعت اعمال القرالة ما بين «مغامرات فيسبوكية» بدور سائق تاكسي ، ليفوز لاحقاً بجائزة أفضل بطولة عمل جماعي في مهرجان موناكو السينمائي الدولي.
ويؤكد القرالة في الحوار بان الأبواب مشرعة بشكل مستمر للممثل ولك مبدع ، مبينا بان الفرص متاحة بأي لحظة ،داعيا الممثلين والموهبين لاغتنام الفرص وامتلاك المهارات والقدرات كون مهارة الممثل تكمُن في تماهيه مع تقمص الشخصية في العمل الفني بإتقان.
وتابع القرالة ” فإذا كنت مريدا حقا للنجاح فأول شيء عليك بتحديده، وليس شرطا أن يكون النجاح بالنسبة لك ما يراه الآخرين من حولك، نجاحك ما يرضيك ويحقق لك السعادة والشغف بهذه الحياة؛ وعندما تصل إليه تشعر بسعادة داخلية تفوق الوصف والخيال على حد السواء”.
وأوضح القرالة طبيعة موافقته للقيام باي عمل بناء على الدور التمثيلي ليتأكد من أنه ينسجم مع شخصيته وقدراته وقيمه مشيرا الى ان طموحه الفني يتجاوز الحدود.
القرالة لم ينسى فضل غيره لمات وصل اليه ، شاكرا كل من وقف إلى جانبه ودعمه لا سيما الفنان أنور خليل، بأعتباره أول شخص اتاح له فرصة التمثيل في مسلسل «نصف القمر» .
وتابع القرالة مشوراه الفني متنقلا بين محطاته بدءا من الدراما إلى الكوميديا الى الاعلام كمذيع في إذاعة صوت العقبة بل وتذكر بلحظة غمرته السعادة مشاركاته وقصصه الفنية مع عدد من الممثلين الأردنيين ومنهم الفنان نبيل صوالحة في مسرحية «خلوة منسفية»، التي عرضت في مهرجان العقبة الأول للثقافة والفنون. ومسرحية «الحق على مين» برفقة الفنان إبراهيم أبو الخير وناريمان عبد الكريم، والعديد من المسرحيات الأخرى.
حاز القرالة على جوائز عالمية مثل جائزة أفضل ممثل في المهرجان الدولي (أفلام أونلاين) بشاركة ٢٦ دولة عربية وعالمية ، وجائزة مركز الحسين للسرطان لحملة توعية الكشف المبكر لسرطان الثدي والمخدرات.
ويرى القرالة أن الجائزة أو التكريم هو بمثابة نيشان على الصدر يفتخر به الفنان للجهود التي بذلها وقدمت العديد للجمهرو وللوطن .
لم يخف القرالة سعادته بتلك اللحظات ، معرجا بان حبه للفن يجعله دوماً يسعى لتحقيق المزيد من النجاحات ليبقى طموحه قائماً بالحصول على الاوسكار، فيما يهدي الجوائز الفائز بها لوطنه ، معبراً بالوقت ذاته عن فخره برفع علم بلاده في المحافل الدولية.
وفي رده على سؤال حول ابرز المشكلات المؤرقة للمجتمع ؟ قال :” بان هذا الموضوع كان يشكل له اهتماما خاصا ؛ وتمخض هذه الاهتمام عن إطلاقه مبادرة (افلام قصيرة) بغية تصوير وإنتاج أفلام قصيرة لا تزيد مدتها عن عشر دقائق، يسلط الضوء من خلاله على هكذا نوع من المشكلات.
أما مشروع (الموهبة في خدمة المجتمع) فقد نال النصيب الأكبر من الجوائز منها جائزة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ، وكذلك نتيجة دعمه لإنتاج فيلم قصير بعنوان «صندوق7»، تدور احداثه حول التمكين الديمقراطي وتشجيع شرائح المجتمع كافة على التوجه إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات البرلمانية.
وترجل القرالة بتفاؤل صوب العمل الإذاعي كمذيع في اذاعة صوت العقبة ليمزج موهبته الفنية بعالم الاثير مؤكدا أنها “المكان الوحيد في العقبة الذي يحقق جزء من ميوله الفني .
ونوه القرالة بضورة استثمار الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي واهبهم الشباب وتوظيفها لخدمة المجتمع والإنسانية جمعاء.
لم ييئس القرالة ، ولم يستسلم لوضعه بل حارب من أجل إثبات موهبته وصعد السلم بخطوات بطيئة في البداية إلى أن صار المسرحي والفنان والمذيع برقم صعب في الأردن .
قصص نجاح المشاهير والناجحين لم تكتب من فراغ، فمن الطبيعي أن يمر كل إنسان بمجموعة من الكبوات والأزمات في حياته، ولكن من الذي يستطيع أن يسخر هذه الأزمات وتلك التحديات في صالحه فقط بحيث تكون عوناً له على الاستمرار والتحدي،هو فقط من ينجح، ومن يستسلم لها بالطبع سيفشل ويكتفي بترديد عبارة “إنه الحظ”.