زيدان كفافي يكتب : البترا : تاريخ حضاري متصل الخاطرة 47

زيدان كفافي يكتب : البترا : تاريخ حضاري متصل  الخاطرة 47

السفير نيوز
أشرنا في الخاطرة رقم (6) إلى أن البترا النبطية كانت عاصمة لمملكة حكمها ملوك عرب منهم عبادة الثالث والحارث الرابع. وقد وصل الانباط لدرجة حضارية متقدمة جداً فضربوا العملة، وقبضوا على التجارة، وعرفوا نظماً مائية، وكيفية التحكم بمياه الفيضانات، وتواصلوا مع غيرهم من الامم القريبة والبعيدة. هذا الوصف لا يعطي صورة كافية وافية حول مدينة استحقت أن تكون واحدة من عجائب الدنيا السبع. وواقع الحال، فإن الناس جاؤوا إلى البترا منذ العصور الحجرية واستقروا فيها وأسسوا قرى وبلدات فيها قبل أن يعمرها الأدوميين ومن بعدهم الأنباط العرب وحتى يومنا هذا. وللانصاف وبعد سقوطها على يد “تراجان” ملك الروم في عام 106 م، وبعد انتشار المسيحية تحول ساكنيها للديانة المسيحية فبنوا الكنائس فيها، كما عثر في واحدة من كنائسها على وثائق قانونية تتحدث حول طبيعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين سكانها. ومهما كتبنا وتحدثنا حول تاريخ البترا فلن نستطيع أن نكمل حديثنا ، ليس لأنه ممتع، لكنه ممتد من العصر الحجري القديم وحتى الوقت الحاضر، أي ما يقارب المليون عام ونيف. وحيث أن الأمر هكذا فإننا في هذه الخاطرة ستمر مروراً سريعاً على البترا في عصور ما قبل التاريخ.
من الجدير بالذكر بأن البترا بما حولها ،ومنذ أن زارها في عام 1812م السويسري “يوهان لودفيغ بيركهاردت” المدفون في مدينة القاهرة، خضعت وتخضع للعديد من الدراسات والأبحاث الميدانية من فرق أثرية محلية وأخرى أجنبية. وشاءت الأقدار وخلال ستينيات القرن الماضي أن تكتشف الانجليزية “ديانا كيركبرايد” وتنقب في موقع اسمه “البيضا” المؤرخ للفترة الناطوفية المتأخرة (حوالي عشرة آلاف سنة من الحاضر) ، لكن الموقع ازدهر خلال العصر الحجري الحديث (حوالي 7200 – 6000 قبل الميلاد)، مما أضاف إلى تاريخ البترا الحضاري معلومات أقدم من تاريخها النبطي. وابتداء من ثمانينيات القرن الماضي انشغل الألماني هنس غيورغ غيبل (Hans Georg Gebel)بدراسة البترا ومحيطها خلال عصور ما قبل التاريخ، فقام بعمل مسوحات أثرية داخل المدينة ومحيطها وسجل مواقع أثرية من مختلف العصور الحجرية، نتحدث باختصار عن بعضها ونسهب بالحديث حول موقع البيضا.

أدوات صوانية ومواقع تعود للإنسان الصياد والجامع للقوت داخل البترا وفي محيطها
(حوالي 1مليون – 20.000 ألف سنة):
يجادل دارسو الإنسان (علماء الأنثروبولوجيا العضوية) ، أن ما يعرف باسم “Homo-erectus” خرج من إفريقيا إلى آسيا عبر باب المندب قبل حوالي مليون ونصف سنة ، وعثر على أدواته منتشرة في عدة مناطق في الجزيرة العربية وبلاد الشام، لكن وحتى الآن لم يعثر على أي بقايا لهياكله العظمية. ويظهر، والله أعلم، أن الناس عاشوا على شكل مجموعات ، تتشكل كل مجموعة من 15 – 20 فرداً. إضافة إلى البترا ، عثر على أدوات من هذه الفترة في مناطق متعددة من الأردن، مثل، حوض الجفر، وادي الحسا، حوض الزرقاء، وحوض الأزرق، وأبو هابيل، ومنطقة المشارع. لكن وبعد الدراسات الأثرية الميدانية التي أجراها فريق آثاري من جامعة اليرموك وجامعة روما لاسبينزا 1، قدر الباحث والعالم الإيطالي (فابيو بارنتي) والذي يدرس في إحدى الجامعات البرازيلية في الوقت الحاضر أن الأدوات التي عثر عليها في منطقة التقاء وادي الزرقاء مع وادي الضليل (السخنة) تعود بتاريخها لحوالي 2.4 مليون سنة، وتعدّ الأقدم خارج إفريقيا . وإضافة للأدوات الصوانية عثر في المنطقة على ناب لفيل يؤكد على أن البيئة كانت أنذاك بيئة غابات وتجمع مياه. لكن الذي يهمنا في هذه الخاطرة هو ما اكتشف في البترا من آثار تخص هذه الفترة.
لم يعثر في البترا على أدوات تخص المرحلة الأولى من العصر الحجري القديم (حوالي مليون ونصف – 200 ألف سنة) ، ولكن وجد في موقعي الضمان 3 ورأس نيازي على أدوات من المرحلة الثانية للعصر الحجري القديم (حوالي 200.000 – 20.000 ألف سنة). وقد عثر على هذين الموقعين بالقرب من مصادر مياه دائمة. كما عثر في منطقة وادي صبرا والمدمغ على أدوات حجرية تعود للمرحلة الثالثة من العصر الحجري القديم (حوالي 20.000 – 12.000 ألف سنة من الحاضر).
المرحلة الانتقالية بين الإنسان المتنقل والجامع للقوت للإنسان المستقر والمنتج للقوت
(حوالي 20.000 – 10.500 سنة من الحاضر):
حصل في نهاية هذه الفترة (حوالي 12.000 سنة) تغير مناخي في المنطقة أثر على طبيعة حياة الناس فيها. وتعدّ هذه المرحلة هي الفترة التي انتقلت فيها المجتمعات من مرحلة الانتقال والجمع إلى مرحلة الاستقرار وانتاج الطعام. واستطاع الباحثون التعرف على عدة ثقافات خلالها تعود أقدمها لحوالي 20.000 ألف سنة وتسمى الكبارية، وآخرها الناطوفية (حوالي 12.500 – 10.500 سنة من الحاضر)، وعثر في البترا ومحيطها على عدد من المواقع التي تعود لهذه الثقافات. ومن المواقع التي تعود للثقافة الكبارية ، مواقع صبرا 3، والضمان 3، والمدمغ.
أما مواقع الثقافة الناطوفية فهي: بيضا، صبرا 1، السنخ 1، الثغرة 1 ووادي سليسل 1 والمدمغ، ووادي المطاحة.
الدائمة، والأرض الصالحة للزراعة، والمناخ المعتدل. ويبدو أن البترا والمنطقة المحيطة بها قد شهدت استيطاناً بسيطاً على شكل مخيمات موسمية ابتداء من منتصف الألف التاسع قبل الميلاد. ومن أفضل الأمثلة عليها موقع “صبرا 1” الذي يبعد حوالي 14 كم عن موقع صبرا النبطي. وأسس الموقع على أطراف حوض صبرا، وهناك مصدر مائي يبعد فقط حوالي 20- 40 دقيقة عن الموقع مشياً على الأقدام. ويذكر المنقب في الموقع أنه عثر على مخلفات أثرية تعود بتاريخها للثقافة الناطوفية، والعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار “أ” (حوالي 12.000 – 9.500 سنة من الحاضر)، وربما للعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار “ب” (حوالي 9.500 – 8.000 سنة من الحاضر). وتشير المخلفات إلى أن الموقع كان عبارة عن مخيم موسمي، وليس قرية دائمة.
ويظهر أنه وقبل حوالي 9.500 سنة أخذ الناس يستقرون بشكل دائم في قرى ثابتة أسسوها ونذكر منها : البيضا، وشكارة مسيعد. ويعدّ موقع البيضا أول موقع من هذه الفترة تجرى فيه حفريات أثرية منتظمة ، وكانت تلك في بداية ستينيات القرن الفائت على يد الباحثة الانجليزية ديانا كيركبرايد. ثم تتابعت الحفريات في الموقع خلال الثمانينات وما تلاها عللى يد الباحثين برايان بيرد، وبيل فنليسون. ونقدم أدناه دراسة لنتائج هذه الحفريات:
يقع موقع البيضا في الجهة الغربية لجبال الشراة، في حنوبي الأردن، ويبعد حوالي 4.5 كيلومتر إلى الشمال من مدينة البتراء، عاصمة الأنباط. وبني فوق مرتفع يبلغ ارتفاعه حوالي 1000 م عن مستوى سطح البحر على ضفاف وادي سيل العاقلات. والموقع يغطي مساحة مقدارها 5 كيلومترات مربعة، ومحاط بسلسلة من الجبال الرملية، إلى الغرب من مدينة البتراء الأثرية، التي لا تبعد كثيراً إلى الشرق من وادي عربة. ويتزود الموقع بالمياه الدائمة بواسطة عدد من الينابيع، كما يجري بالقرب منه واديان، هما: غراب، وصبرا. لكن أقرب المصادر المائية الدائمة للمكان في الوقت الحالي، هو “بئر ديباديبا”، الذي يبعد حوالي 4 كيلومترات إلى الشمال-الشرقي للبيضا.
ذكرت المنقبة كيركبرايد أنها استطاعت أن تميز ست مراحل معمارية في الموقع، أقدمها ما عرف باسم الطبقة السادسة، حيث كشف النقاب عن بيوت شبه دائرية الشكل، استخدمت الحجارة والألواح الخشبية في بنائها، وبنيت ملاصقة لبعضها بعضاً مما جعل المنقبون بتشبيهها بخلية النحل. واختلف الحال في بيوت الطبقة الخامسة علماً أنها كانت مستديرة الشكل إلاّ أنها بنيت بشكل منفصل عن بعضها بعضا. وهذه جميعها كانت مداميكها السفلى مبنية تحت مستوى سطح الأرض، وأرضياتها مقصورة ومدهونة باللون الأحمر.

مباني مكتشفة في البيضا وأخرى إستبنائية حديثة مماثلة لها
بنيت بيوت الطبقة الرابعة بمخطط يختلف عن مباني بيوت الطبقتين السابقتين، حيث أصبحت مستطيلة الشكل، لكن زواياها دائرية، وكان لكل بيت ساحة أمامية خاصة به. وبني الجزء السفلي من البيوت تحت مستوى سطح الأرض، ومن الجدير بالذكر أن البيوت ذوات المخطط المستدير استمرت قيد البناء في هذه المرحلة. وكانت مادة البناء في جميع الحالات هي الحجارة، التي يربطها ببعضها بعضاً مونة من الطين. وكانت جميع الأرضيات مقصورة كما اختلفت مخططات بيوت الطبقتين الثالثة والثانية، إذ كانت مدهونة باللون الأحمر.
وظهرت هنا المباني المعروفة باسم “الغرف المبنية حول ممر Corridor Buildings”. حيث كشف النقاب عن مباني تتكون من ممر ضيق بلغت أبعاده حوالي 8 x 1م، بني على جانبيه غرفاً صغيرة يبلغ متوسط أبعاد الغرفة الواحدة حوالي 1 x 1.5 م. وجاء بعض هذه المباني مبني تحت مستوى سطح الأرض، ويوصل إلى داخله عن طريق درجات. أما الطبقة الأولى فلم يعثر فيها إلاّ على بقايا نبطية. واعتقدت كيركبرايد أن الغرف المبنية على ممر كانت تشكل محال في أسواق، أو مخازن ، إلا أننا نرى غير ذلك بسبب صغر مساحة هذه الغرف ونعتقد أنها شكلت أساسات لمبنى مكون من أكثر من طابق.
ومن الجدير بالذكر أن بريان بيرد قد قام بإعادة دراسة وترتيب المراحل المعمارية في الموقع بمنهجية مختلفة عن تلك التي اتبعتها المنقبة، إلاَ أنهما يتفقان في التسلسل الزمني للاستقرار في الموقع. وقسم بيرد المراحل المعمارية إلى ثلاث هي: .A, B, C ومن أهم ما ذكره بيرد أن بعض المباني تكون من طابقين.
وكشف النقاب أثناء التنقيبات عن مدافن تخص أشخاص بالغين، وأطفال، ورضع. ووجد الأطفال مدفونين بشكل كامل تحت أرضيات البيوت، بينما لم يعثر على جماجم الأشخاص البالغين . ومن المعلوم أن عادة فصل الرأس عن الجثة كانت شائعة خلال العصر الحجري الحديث في عدد من مواقع بلاد الشام، مثل تل أسود، وتل الرماد في سوريا، وأريحا وأبو غوش في فلسطين، وعين غزال وتل الصوان في الأردن. ويظهر أن الناس في البيضا دفنوا موتاهم أيضاً تحت أرضيات بيوت مهجورة.
مدفن من مرحلة العصر الحجري الحديث المتوسط (MPPNB) من البيضا
تم العثور في موقع البيضا على كميات هائلة من الأدوات الصوانية قام بدراستها العالم الدنماركي بيدر مورتنسن ، الذي لاحظ أن هذه الأدوات صنّعت من خامات محلية. وتبين للدارس أن طبيعة وأشكال الأدوات الصوانية تتناسب وطبيعة الحياة في العصر الحجري الحديث، إذ تكونت من الأدوات المدببة مثل المثاقب، والمناقش، والمكاشط، والسكاكين، وشفرات المناجل، والسكاكين، والأزاميل، والفؤوس، ورؤوس السهام.كما ووجد في البيضا كميات كبيرة من أدوات الطحن، والجرش، والهرس، والمدقات. وتكونت أدوات الطحن من الأجران، والمهارس، والمدقات بأشكال متعددة ومختلفة. إضافة لما ذكر أعلاه، هناك موجودات أخرى تمثلت بأدوات عظمية، وثلاث سلال، أثنتان منهما كسيتا بطبقة من القار. كما عثر على صندوق خشبي بيضوي الشكل وجد بداخله 114 رأس سهم وأدوات صوانية أخرى مدببة الرأس . وتشير هذه المخلفات الأثرية دلالة واضحة على تقدم في الانتاج الزراعي والحضاري.
إضافة للبيضا، وكما ذكرنا أعلاه فقد عثر في موقع شكارة مسيعد على مباني مستديرة الشكل متلاصقة، تشبه خلية النحل، ومدافن داخل الموقع ، لا يسعفنا الوقت لشرحها لكن نقدم أدناه صوراً لها:

بيت في شكارة مسيعد لاحظ الدرج النازل إلى داخل الغرفة والدرج الصاعد ربما لطابق ثاني ، مما يدل على أن الجزء السفلي كان تحت مستوى سطح الأرض (من حوالي 7500 – 6500 قبل الميلاد)

مدافن من شكارة مسيعد
أما خلال الفترة المؤرخة بين حوالي 6500 و 6000 قبل الميلاد فحدث ولا حرج، فهناك تطور كبير حصل في طبيقة الاستقرار وتنوع مساحة المواقع الأثرية، مما يدل على زيادة الكثافة السكانية، ومن أهم المواقع داخل مدينة البترا إضافة للبيضا هناك البسيط ، وشكارة مسيعد، وبعجة، وأما خارج البترا فهناك بسطة بالقرب من بلدة “إيل”.

منظر عام لموقع البعجة داخل البترا
ويظهر أن الناس قد اهتموا خلال هذه الفترة وفي مواقع البترا بصناعة المجوهرات، ومن يزور متحف البترا يستطيع رؤية “عقد جميلة” المكون من عدد كبير من الخرز المتنوع والذي اكتشف في موقع بعجة. كذلك صنّع الناس الخلاخيل والأساور من الصخر الرملي.

صناعة ألساور والخلاخيل في بعجة قبل أكثر من ثمانية آلاف عام.
هذا مختصر جداً حول البترا في العصور الحجرية، ما بالك أيها الصديق والزميل لو أكملنا الحديث حول البترا الأدومية، والرومية ، والمسيحية والإسلامية، كم من الكتب سنكتب…!!
أعتقد أن جوهرة الأردن البترا، تستحق لقب عجيبة من عجائب الدنيا، لكن أن نختصر تاريخها دائماً بالحضارة النبطية العربية التي نفخر بها، بحاجة لإعادة نظر. أزعم لو أننا أدخلنا مواقع ما قبل التاريخ في جولة السائح للبترا لمكث مدة أطول فيها، ولأثبتنا للزائر وللعالم أجمع أن تاريخها عميق ممتد من عصور ما قبل التاريخ وحتى الحاضر. والله من وراء القصد.
زيدان كفافي
عمّان في 19/ 1/ 2023م
مراجع لمن يرغب:
Byrd, B. 1989; The Natufian Encampment at Beidha. Late Pleistocene Adaptation in the Southern Levant. Jutland Archaeological Society Publications XXIII:1. Aarhus: Aarhus University Press.
Gebel, H.-G. 1983/84; Sabra 1 und die Wadi Systeme um Petra/ Wadi Musa. Archiv für Orientforschung 29-30: 282-284.
Gebel, H. G. 1988; Late Epipalaeolithic – Aceramic Neolithic Sites in the Petra Area. Pp. 67 -100 in in A.N. Garrard and H. G. Gebel (eds.), The Prehistory of Jordan. The State of Research in 1986. British Archaeological Reports. International Series 396. Oxford: British Archaeological Reports.
Gebel, H. G. and Starck, J. M. 1985; Investigations into the Stone Age of the Petra Area (Early Holocene Research). A Prehistoric Petra: A Synthesis 118 Preliminary Report on the 1984 Campaigns. Annual of the Department of Antiquities of Jordan.
Hermansen, B. D. et al. 2005; Shkârat Msaeid: The 2005 Season of Excavations. A Short Preliminary Report. Neo-Lithics 1/06: 3-7. Berlin: ex oriente.
Jensen, C. H. et al. 2005; Preliminary Report on the Excavations at Shakarat al-Musay’id, 1999-2004. Annual of the Department of Antiquities of Jordan 49: 115-135.
Johnson, D. J., Janetski, J., Chazan, M., Wichter, S. and Meadow, R. 1999; Preliminary Report on Brigham Young University’s First Season of Excavations at Wadi al-Mataha, Petra, Jordan. Annual of the Department of Antiquities of Jordan 43: 249-261.
Kafafi, Zeidan 2019; Prehistoric Petra: A Synthesis. Pp. 109- 118 in S. Nakamura, T. Adachi, M. Abe (eds.), Decades in Deserts: Essays on Western Asian Archaeology in Honor of Sumio Fujii,. Rokuichi Syobou, Japan, 2019, ISBN 978-4-86445-111-6 C3022.
Kirkbride, D. 1966. Five Seasons at the Pre-Pottery Neolithic Village of Beidha in Jordan. Palestine Exploration Quarterly: 8-72.