الدكتور وليد المعاني يتساءل

الدكتور وليد المعاني يتساءل

السفير نيوز – د. حسين العموش

كتب وزير التربيه والتعليم العالي الاسبق الاستاذ الدكتور وليد المعاني على صفحته على فيسبوك ما يشبه العتب على طلاب كلية الطب ،حين يشكرون كل من ساهم في نجاحهم وتخرجهم ، ويهملون معلميهم واساتذتهم الذين بذلوا جهودا كبيرة في تعليمهم.
ويتساءل المعاني: ” لا ادري ما السبب في هذا ؟هل هو اعتقاد الغالبية ان اعضاء هيئة التدريس لم يكن لهم دور في تعليم هؤلاء وجعلهم أطباء ام ان القناعه بان هؤلاء كانوا سيصبحوا نفس الاطباء حتى لو درسوا بالمراسلة ؟
ام ان الاساتذة لم يتركوا اثرا يستحق الشكر .
من حق الدكتور المعاني استاذ كلية الطب في الجامعة الاردنية ان يعاتب طلابه الذين لم يقدموا الشكر لاساتذتهم .
هو ايضا يتساءل عن العلاقة بين الجامعه وطلابها وبين الطلبه واساتذتهم ، وهو سؤال مشروع ومطلوب .
طبيعة هذه العلاقه تفتح الباب على مصراعيه لسؤال كبير: اين اختفى المعلم القدوه من مدارسنا وجامعاتنا.
هل التغير اصاب طلبتنا ومعلمينا بحيث نفتقد الى صورة المعلم القدوة في المدارس والجامعات.
هل تغيرنا نحن ام تغير الطلبه ، ام تغيرت الدنيا بما فيها وتغيرنا معها .
يذكر ابناء جيلي والجيل الذي سبقنا ان صورة المعلم في الذاكرة الاردنيه تقترب من صور المصلحين ، حيث يحظى المعلم باحترام وقدر كبير من التبجيل ، بحيث كنا نخشاهم ونشعر بالهيبة والوقار في حضورهم ، فلماذا تغيرت الصورة وشوهت تماما ،ومن المستفيد من تشويهها ، وكيف اثر هذا التشويه على التحصيل العلمي والثقافي لدى الطلبة ، وكيف تراجعت طبقا لذلك منظومة الأخلاق العامة التي كانت هي ضمانة المجتمع عموما ، ومجتمع المدرسة خصوصا.
يحق للدكتور المعاني ان يشعر بالاسى والمراره وهو يرى طلبته يقدمون الشكر للجميع الا لمن علمهم ،ولا اعتقد ان الدكتور وليد المعاني يعني ذاته وهو الذي لا يحتاج لمن يقدم له الشكر على المستوى الشخصي ، لكنه يطرح قضية كبرى اصابت النظام التعليمي في مقتل ، وتركت جيلا من الجهله يحملون القابا وشهادات علميه .
دعونا نعترف بان ثقافة خريج البكالوريوس في اي تخصص هي ثقافة ضحله وهشه ان لم تكن معدومه .
قد يكون مبدعا في تخصصه لكنه ضحل تماما في الثقافة العامه التي تمثل معلومات عامه عن بلده والبلاد العربيه ، شيئا من الشعر والرواية والادب العربي وغيرها .
اسمع من الطلبه تبرما وشكوى من مادة الثقافة العامه او التربية الوطنية تمثل جيلا كاملا لا يتقن سوى البصم بهدف العلامة ، هذا الامر يدعونا الى التساؤل عن اخفاقنا في تقديم الماده باسلوب سلس وسريع وسهل يحبب الطلبه بالماده لترسخ في اذهانهم ، بحيث يبحثون عنها مقبلين غير مدبرين .
علينا ان نعترف اننا لم نطور ادواتنا لتجذب الجيل الجديد الشغوف بادوات الحياة العصرية الحديثة ، فبقينا في واد وهم في وادي اخر ، لا هم يستمعون الينا ولا نحن نقترب منهم .
اعتقد ان القضية كبيرة وشائكة وتحتاج الى وقفات طويله من التأمل والعمل والتفكّر وطرح الاسئلة لايجاد الاجابات الصادقة عليها .
علينا ان نعترف ان الجيل الجديد من ابنائنا شغوف بنماذج غير نماذجنا ، متعلق ومشبع بقيم غير قيمنا ، يفكر بالحياة غير الحياة التي عشناها، مؤمن بثوابت غير ثوابتنا ، كل مناهج الدنيا لن تجعله يكون نسخة منا وليس هذا هو المطلوب ، المطلوب ان لا يخرج الجيل عن سكة الاخلاق والقيم والثوابت ، وهو ما يدعونا الى ان نقترب منهم اكثر وان نتعامل معهم كأصدقاء ، لا يمكن الوصول الى عقولهم بطريقة التلقين والحشو ، علينا ان نطور ادواتنا لتخاطب فيهم فهمهم للامور لنصل الى عقولهم وقلوبهم معا .
على النظام التعليمي ان يتوقف مع ذاته ويطرح الاسئلة الكبرى ، ويفتح ملف المسكوت عنه ، عليه ان يعترف باننا انتجنا حملة شهادات لا حملة علم ومعلومه ، علينا ان نعترف بفشلنا في الوصول الى عقول الطلبه وفق متطلبات الحياة الحديثة والعصرية ، علينا ان نعمل على استعادة ابنائنا الطلبه قبل فوات الأوان وللحديث بقيه .