السفير نيوز
على الرغم من أنّ مصطلح (الشعبوية) يحمل (لغويًا) دلالاتٍ إيجابية، ويقترب من مصطلح (الشعبية)، إلّا أنّ الدلالة السلبية للمصطلح هي التي هيمنت على المعنى، فصار (الشعبوي) هو الذي يعتمد على الخطاب الذي يدغدغ عواطف ومشاعر الناس، بعيدًا عن تلبية طموحاتهم وآمالهم، ليظهر بمظهر القائد الأوحد، القادر على حلّ مشاكلهم، أو هو الذي يستثمر حدثًا ما، يهم الشعب، للترويج لنفسه، بعيدًا عن الحق والحقيقة، ومستخدمًا أساليب مضلّلة، أو حقائق منقوصة، بعيدًا عن الحيادية والموضوعية، باعتبار أنّه الوحيد الحريص على الوطن والمصلحة الوطنية، لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية على حساب الناس.
على الجانب الآخر، من المفيد أن يكون المسؤول أيًا كان موقعه “شعبيًا”، بمعنى أن يحمل هموم الشعب، وأن يتّسق خطابه للناس مع أفعاله التي بالضرورة أن تصبّ في خدمتهم مصالحهم كي يصبح “شعبيًا”، فالمسؤول “الشعبي” يقوم على حاجات الناس، ويقترب من همومهم ومعاناتهم، ويضع الحلول والتصورات اللازمة لذلك.
يعتمد “الشعبوي” على البروبجندا، أي الضجة الإعلامية، ويستثمر مصالحه في القضايا التي تمس حياة الناس، بالكلمات الرنانة الخالية من أي فعل، أو عبر الإعلام الأصفر “مدفوع الثمن” الذي يركّز على تصريحاته، أو يلقي الضوء على نشاطاته اليومية ليقول للناس “انظروا أنا هنا وأنا هناك” من دون أي إنتاجية حقيقية للمكان الذي يشغله، ومن دون أي تغيير حقيقي يلمسه عموم الناس، وعلى العكس تمامًا يكون المسؤول “الشعبي” الذي إن قال فعل، والذي يقدّم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، مهما كانت الإغراءات، أو الامتيازات، أو حتى الثمن الذي قد يضطر لدفعه جراء انسجامه مع نفسه وذاته.
الأمن الثقافي الوطني يحتاج إلى مسؤولين شعبيين، ندعمهم ونقف خلفهم، ونشدّ على يدهم، ويحتاج أكثر إلى فضح المسؤولين الشعبويين وكشف طرقهم في الزيف والخداع والتضليل.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين