تحسين أحمد التل يكتب: حقائق مهمة عن المنسف الأردني

تحسين أحمد التل يكتب: حقائق مهمة عن المنسف الأردني

السفير نيوز

يُعد المنسف الأردني أحد أهم وأشهر الأطباق العالمية، وهو يشكل ثقافة، وهوية أردنية، ليس فقط في كونه خاص بالأردنيين فقط، إنما بطريقة تكوينه، وإعداده، والمرتكزات الأساسية التي يتشكل منها.

بدايةً، يتكون المنسف الأردني من العناصر، والقواعد التالية، وهي ثلاث قواعد رئيسية:

أولاً: لحم الخروف البلدي الأردني الذي يعيش في مراعي المدن والقرى، ومناطق البادية الأردنية، ويتغذى على الأعشاب الطبيعية، أو الأعلاف، فهي تجعل من لحمه أفضل مذاقاً من خروف يعيش على الخلطات المهرمنة…

ثانياً: الجميد، والسمن البلدي، المستخلص من حليب النعاج أو الماعز.

يؤكد خبراء تجهيز الجميد على أن كل (70 أو 100) كيلو حليب تُنتج (7 – 10) كيلو غرامات من الجميد، وسبب شهرة الجميد الكركي أن (الحلال) في الجنوب يتغذى على نوعية مميزة من الأعشاب.

أغلب مناطق المملكة تُنتج جميد المناسف، لكن هناك أفضلية، وتميز في الصناعة، خاصة بالجميد الكركي، أو الجنوبي عموماً، ووفق المنطقة الخاصة بالرعي، والنباتات والأعشاب التي تتناولها الأغنام هناك.

بالمقابل، هناك نوعيات من الحليب، والألبان، والسمن البلدي في بقية مدن وقرى المملكة، لا تقل أصالة عن منتجات الجنوب، وهناك نوعيات من الجميد في الشمال والوسط مرتفع الثمن، ويساوي الجميد الكركي في الجودة والمذاق.

أما السمن البلدي، فهو عنصر رئيسي في تجهيز المنسف، ويعطي (المليحية) طعم رائع، يميز المنسف بعد الإنتهاء من إعداده.

ثالثاً: الخبز الشراك، أو الجريش: وهو العنصر الأخير في تكوين هذا الطبق الأردني المميز على مستوى العالم.

ثقافة المنسف لا تتعلق فقط بأنه أردني، مثل المسخن، والمقلوبة الفلسطينية، والدولمة العراقية، وطبق الكشري المصري، والكبسة السعودية، والبيزا الإيطالية، وهكذا؛ بل لأن السياسة تدخلت في صنعه، وإعداده بالطريقة التي ميزت هذه الثقافة، وجعلت منها ثقافة خاصة بالأردنيين.

… يمكن لأي إنسان أن يصنع المنسف، ويكلفه بالصنوبر، واللوز، والكاشو، ويزينه بالبقدونس، ويطبخه بأفضل أنواع الرز في العالم، لكن إذا لم يكن هناك بصمة أردنية، ونفس أردني، وعناصر محددة لتكوين هذه الثقافة، فإن المُنتج حينها لا يتعلق بالمنسف، بقدر ما يتعلق بأي أكلة من الأكلات، أو طبخة من الطبخات، لا تمت لحقيقة وأصالة المنسف بصلة، لأن المنسف يتعلق بهوية الأردني، وما يميزه من ثقافة توارثها منذ الملك الأردني ميشع وحتى قيام الساعة.

إذا اجتمعت العناصر الأردنية التالية، فإنها تشكل فقط تركيبة المنسف الأردني، وما تعداها يصبح الطعام شبيه بالمنسف، أو أي طبخة ثانية يدخل فيها بعض مواد المنسف، تماماً كمن يطبخ الزهرة ويضعها مع الرز والشاكرية، ويقول هذا هو المنسف الأردني…؟

عناصر المنسف الأردني الأصلي: لحم الخروف البلدي، والجميد (الممروس)، والسمن الأصلي، وجريش القمح البلدي، وخبز الشراك، ولا يوجد عناصر أخرى على الإطلاق، وكل ما ذُكر من عناصر هي أردنية مئة بالمئة.

يتكون المنسف الأردني من نوعين، الأول: منسف هفيت بالخبز الشراك (غير المفتوت)، أي عدة طبقات، ويُشرب بالشاكرية، (المليحية)، ويوضع اللحم والرأس فوق طبقات خبز الشراك، والأهم، أن تكون قطعة اللحم أكبر من راحتي اليد وهي مفتوحة، وهناك طريقة ثانية لتقطيع اللحم، وذلك بتقسيم الخروف، أو الكبش الى أربعة أقسام فقط، وتوضع كلها فوق الشراك حتى يتأكد الضيف من أن الخروف كله موجود أمامه، بليته، ورأسه، ومعلاقه، وذلك من باب إكرام الضيف.

النوع الثاني: منسف بالجريش، وجريش القمح كان مُستخدم في كل بيت أردني، إن كان في الشمال أو الجنوب، أو أي مكان آخر في الأردن، لكن بعد دخول الرز المصري واستخدامه، اقتصر المنسف بشكل عام على الرز، لكن في بعض مدن وقرى المملكة؛ ما زال البعض يستخدم الجريش، أو طبقة رز وطبقة جريش، ضمن صحن المنسف الواحد.

للعلم: المنسف لا يوضع في سدر كما يقال، إنما في صحن كبير الحجم، مجوف من الداخل لامتصاص السوائل من (سمن، ومليحية)، له حلقات ليتم حمله من قبل شخصين أو أربعة أشخاص، وفق اتساع حجم الصحن، لكن درجت العادة عند الأغلبية تسمية المنسف بالسدر، إذ يقال سدر منسف وليس صحن منسف، لأننا تعودنا على أن السدر حجمه كبير، والصحن حجمه صغير.

ملاحظات مهمة:

– تم إدراج المنسف الأردني، (سفير المائدة الأردنية) على لائحة التراث العالمي، بعد اكتمال الشروط الفنية المطلوبة من قبل اليونسكو، عام (2022).

– جاءت الموافقة لضمان حق الأردن في حفظ ملكية أصل المنسف، بما يتفق مع حق الدول في الحفاظ على رموزها الثقافية والاجتماعية.

انتهى التقرير بحمد الله.