السفير نيوز -عدنان نصار
..واضح ان ما حدث ،فجر السبت الماضي إلى اللحظة الراهنة ، ملحمة بطولية قامت بها كتائب القسام الفلسطينية فاجئت الجميع بلا استثناء ..مفاجأة من العيار النضالي الثقيل حولت فضاء الاحتلال الاسرائيلي في صبح السبت إلى غبار معارك ، واقتحام بطولي أدى إلى انهيار فوري لقوات الاحتلال أمام ضربات موجعة لهم ..
يبدو ان “طوفان الأقصى” بقيادة كتائب القسام ، استلهمت الفكرة الذكية والخداع الحربي المشروع من عبور أكتوبر العظيم سنة 1973 ، الذي فاجأ العدو الاسرائيلي بضربات قاصمة خلال ساعات من بدء حرب أكتوبر العظيمة.
نجحت كتائب القسام في نقل المعركة إلى عمق الاحتلال الاسرائيلي ، الذي اعتقد الاحتلال انه في مأمن من اي هجوم او بمنأى عن نار المقاومة الفلسطينية ..وللمرة الثانية في تاريخ الحروب العربية- الإسرائيلية تمتلك قوة عربية فلسطينية توقيت بدء المعركة مع كيان الاحتلال ، وتدخل في عمقه لتقتل الجنود، وتأسر وتحرق وتحول هدوء المستوطنين إلى نار مستعرة ، كما حولت الاحتلال إلى “جحيم” تحت الكم الهائل من الصواريخ الفلسطينية نحو (5 آلآف صاروخ) التي اطلقت في عمق الاحتلال الذي عاث فسادا وقتلا وتنكيلا وتشريدا وهدما في مدن فلسطينية محتلة.
“طوفان الاقصى” جاءت بتكتيك ذكي ،دون اي ضجيج اعلامي سبق العملية ، بل على العكس ما حدث يعيد في ذاكرتنا العربية ، ما حدث في عبور أكتوبر العظيم الذي استخدم عنصر المفاجئة وامتلاكه للتوقيت في هجوم العبور..
وضعت عملية “طوفان الاقصى” العالم بشكل عام ، والعرب بشكل خاص أمام حرج كبير ، جراء الصمت العالمي والعربي الرسمي أمام حالة الإجرام الاحتلالية الإسرائيلية التي تتفذ أجراها بأدوات عسكرية في فلسطين المحتلة ، مما أدى ذلك إلى فتح طاقة من “الجحيم” على “اسرائيل” التي ظنت انها لن ولا تقهر ..ولعل اعداد القتلى الاسرائيليين والجرحى والتشريد للمستوطنيين ، والصواريخ التي وصلت إلى عمق “تل ابيب” كافية لان تعطينا التصور المقنع ان قوات الاحتلال التي تمارس التمرد والعنجهية، قد واجهت ردا عنيفا على يد كتائب القسام ، كشفت هشاشة التموضع العسكري لها.
المشهد برمته ، يعيدنا الى “نصر اكتوبر” ايضا..،فها هي وزارة الدفاع الاميريكية تعلن فور وقوع الاشتباك مع قوات الاحتلال عن دعمها المطلق لإسرائيل ومدها بكل الأدوات العسكرية التي تكفل “حمايتها”..هذا السيناريو اعادنا تماما إلى “الجسر الجوي ” الذي اشتغلت عليه أمريكا أثناء هلع اسرائيل في حرب أكتوبر ، وانكسار شوكتها في أقل من أسبوع على بدء حرب أكتوبر.!
الصمت العالمي ،وانحيازه لإسرائيل ، وتمرد الاحتلال ضد الابرياء في فلسطين المحتلة ، هما من يتحملان مسؤولية ما حدث ، وهما من سيدفعان ثمن هذا الصمت العالمي أمام التمرد الاسرائيلي المستمر الذي بستخدم كل أدوات البطش والقتل والتنكيل ضد الأبرياء الفلسطينين العزل .. أمام هذا الواقع الاجرامي للاحتلال ، لا بد من ان نضع عملية “طوفان الاقصى ” كناتج طبيعي ورد طبيعي لكنه غير نمطي وتقليدي كما كانت تظن اسرائيل ، التي اربكها حجم الضربة ووضعها في زاوية صعبة ، سيجعلها تعيد حساباتها وتضع قدرة واقتدار المقاومة الفلسطينية في الاعتبار أمام الارباك والذهول الذي اصاب قوات الاحتلال وأجهزة مخابراته.
أكثر من 700 قتيل، وعشرات الأسرى بينهم ضباط كبار، وأكثر من 2100 جريح اسرائيلي (حتى لحظة كتابة هذا المقال) حصيلة معركة مستمرة منذ 3 ايام في هجوم مباغت ، وهذا يعطي دلالة واضحة على ضعف المستوى العسكري الاسرائيلي التي تتبجح انها قادرة على “الردع” وانها القوة الأكبر في المنطقة ..لقد نجحت عملية “طوفان الاقصى ” في كسر هذه المقولة للجيش الذي لا يقهر وفق ادعاءات الاحتلال واعلامه الموجه.
ما حدث في صبح السبت ، من عمل بطولي و”عبور جديد في أكتوبر المجيد ” على يد كتائب الاقصى ، سيدخل في تاريخ الحروب الفلسطينية ضد اسرائيل تحت مسمى :”نصر طوفان الاقصى” .
هذا الطوفان ، الذي كان يهدف إلى سلامة المقدسات وحماية الاقصى من اي تدنيس احتلالي ، وحرية الشعب الفلسطيني ، والافراج عن الأسرى في سجون الاحتلال ..كل هذا حرك بذكاء وخداع حربي وتغييب اعلامي مقصود قبل بدء المعركة ..حرك مسار النضال ، وحرق مراكب التمرد الإسرائيلية ، ووضع الاحتلال الاسرائيلي أمام حالة جديدة من النضال والقوة والرد الناري الفلسطيني قد تقلب معادلة مسار الاحتلال، وتسكت تمرده وعنجهيته.