العصليد

العصليد

السفير نيوز

على تخوم نهر الزرقاء، قبل ان يصبح (سيلا) وبالقرب من منطقة (ودعه ) التاريخية المقابلة لقرية دوقره / محافظة الزرقاء هناك اقام عودة القلاب العموش المعروف بلقب (العصليد) .

قاضي عشائري مختص بجنايات القتل، او ما يعرف بالعرف العشائري (منقع الدم).

لم يكن يملك جيشا، ولا حرسا خاصا، فقط كان يملك (العدل) بين الناس .

في بيته حلت مئات القضايا، حين كان يأتيه المتخاصمون من فلسطين وسوريا والسعودية، والعراق، يجلسون حوله، يعدون حججهم، فيعطي الحق لصاحبه ويأخذه بقوة العدل من المجرم، فينصاع الجميع لقراره وينفذونه بلا نقاش.

من علم هذا الرجل الذي لا يقرأ ولا يكتب مسالك العدل ودروبه، وكيف وصلت شهرته الى الوطن العربي، وقبل ذلك وبعده،كيف فرض العدل بقوة الحجة وصدق القول، كيف له بلا جند ولا قوة ان يؤسس لمحكمة شبيهة بمحكمة الجنايات الكبرى اليوم، يحكم على هذا بالاعدام، ويعطي ذاك حكم البراءة، حالة جديرة بالدراسة والوقوف عندها .

(العصليد) ليس حالة فريدة في القضاء العشائري الذي كان سائدا شرقي الاردن في عهد الامارة، هنالك عشرات القضاة العشائريين، لكنه بالتأكيد تفرد عن غيره بتنوع المتخاصمين، وقوة الشخصية، وطول استماعه للخصوم قبل اصدار الحكم .

كان مدرسة للقضاء العادل، والنزيه، بشكل يحاكي قضاة التمييز اليوم، لكن الغريب هو ان يكون قاضيا عشائريا يقضي للوطن العربي وهو لا يقرأ ولا يكتب.

ما احوجنا اليوم الى ان نسلط الضوء على نماذج من وطني، ارست دعائم العدل والمساواة بالحكمة والقول اللين، تحركهم عروبتهم والنخوة حين كان لها مكان في صدور بيوتنا ومضافاتنا.

ما احوجنا اليوم لأن ندرس اولادنا مناهج الحب لا الكراهية، العدل لا الظلم، المساواة لا المحسوبيات .

من علم هؤلاء الاعراب ان العدل في كربلاء ينتج مساواة في حيفا، ذلك ان العدل والحب والمساواة تساوي العروبة والاسلام، العروبة في المساواة والاسلام في العدل .

كنا هنا ..وكان هذا عدلنا قبل منظمات حقوق الانسان..وقبل ان يشرعن العالم ما يسمى بقوانين حماية الطفل المزعومة .

آخر الأخبار