السفير نيوز
عندما نتحدث عن الهوية الأردنية، فنحن لا نتحدث عن مصطلحٍ فلسفيٍ أو جدلٍ أكاديميٍ يُفتح على طاولات النقاش، بل عن عقيدة وطنية راسخة، جُبلت بالدم والكرامة والعزيمة.
الهوية الأردنية ليست خيارًا نختاره، بل قدرًا نحمله، وواجبًا نحميه، ورايةً لا تُنزل من فوق هاماتنا.
من المؤسف أن نسمع بين الحين والآخر من يتحدث وكأن الهوية الأردنية يمكن أن تُقسّم أو تُعاد صياغتها أو تُلبس لبوسًا جديدًا حسب الاتجاهات الفكرية أو السياسية.
منهم من يريدها ليبرالية، ومنهم من يراها قومية، ومنهم من يختصرها بالعشيرة أو المذهب، لكن الحقيقة الواضحة كالشمس أن الأردن له هوية واحدة فقط — هوية اردنيه، عربية، نبتت من تراب هذه الأرض المباركة، وارتوت بدماء الشهداء والأحرار.
الأردني لا يُعرّف بهويته من خلال انتماءٍ حزبي أو قبلي أو فكري، بل يُعرّف بانتمائه لوطنه وولائه لقيادته، وإخلاصه لتراب أرضه.
هذه الهوية لم تُكتب في الدساتير فقط، بل كُتبت في الذاكرة، في التاريخ، في المعارك التي خاضها الأردنيون بشرفٍ، وفي العهد الذي ورثناه عن الملوك الهاشميين منذ الملك المؤسس عبدالله الأول، مرورًا بالحسين الباني، وصولًا إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي قالها بوضوح:
“الأردن أولًا” — وهذه الكلمة ليست شعارًا دعائيًا، بل منهج حياةٍ لكل أردنيٍ حرٍ يعرف معنى الولاء والانتماء.
نحن لا ننظر إلى الأردن بعين الشفقة كما يفعل البعض، ولا نقيسه بمقاييس الآخرين، لأن الأردن لم يكن تابعًا لأحد، ولم يقف يومًا على أعتاب أحد.
الأردن صُنع بعرق الرجال، وبصبر الأمهات، وبإخلاص جيشه العربي المصطفوي الذي لم يعرف يومًا الانكسار.
هذا الوطن لا يحتاج إلى من يُعرّفه من الخارج، لأنه هو من صنع هويته بيده، وحماها بدمه، وثبّتها بعزيمة أبنائه.
فليعلم كل من يحاول أن يشكك أو يزايد أو يُنظّر أن الهوية الأردنية ليست ساحة تجاربٍ فكرية.
هي سيفٌ مرفوع لا يُمس، ورايةٌ ثابتة لا تُبدّل، وعهدٌ خالد لا يُنكث.
من أراد أن ينتمي، فليعرف أن الانتماء ليس كلمةً تُقال في المناسبات، بل التزامٌ بالثوابت، وإيمانٌ بالقيادة، وولاءٌ للوطن الذي لا يقبل القسمة ولا المساومة.
نحن أبناء الأردن، لا نلتفت للخلف، لأن ماضينا مشرّف وحاضرنا مشرق، ومستقبلنا نرسمه بإرادتنا لا بإملاءات أحد.
نحن لا نبحث عن هويةٍ جديدة، لأننا نملك هويةً لم ولن تتكرر.
هويةُ من قاتل على أسوار القدس، ومن سقى أرض الكرامة بدمه، ومن حمل راية الهاشميين بعزٍ وشموخ.
ما لنا بما يقول الآخرون، وما لنا بمن يُحلّل من بعيد.
نحن نعرف من نحن، ونعرف ماذا نريد، ونعرف أن الأردن لا يُقاس بحجمه الجغرافي، بل بثقله الإنساني والتاريخي والسياسي، وبمواقفه الثابتة التي لم تتبدل رغم العواصف.
الأردن سيبقى صامدًا، لا تهزه ريح، ولا تُغريه شعارات، ولا تُخيفه مؤامرات.
سيبقى الأردن هاشميًا عربيًا من البحر إلى الصحراء، ومن النهر إلى السيف، هوية واحدة.. وشعب واحد.. وولاء واحد.
وإلى كل من يشكك أو يتلاعب بالكلمات نقول:
احفظوا لسانكم عن الأردن، فهو ليس ساحة مزايداتكم، ولا ملعب أفكاركم، بل وطنٌ من لحمنا ودمنا، لا نرضى عليه المساس، ولا نقبل عليه النقاش.
الأردن سيبقى ما كان عليه دائمًا: ثابتًا كجباله، صلبًا كرجاله، عزيزًا بقيادته، خالدًا في قلوب أبنائه.
الأردن أولًا… والأردن دائمًا… ولا هوية سواه.

