خلطة ذنيبات وابو هديب

خلطة ذنيبات وابو هديب

السفير نيوز

د.حسين العموش

الدكتور محمد ذنيبات والمهندس شحادة ابو هديب ، لم يتخرجا من هارفرد ، ولم يمشيا في ساعة ملل على شواطئ الريفيرا .

لم يتسوقان ربطات عنقهما من الشانزليزيه ، ولم يأخذهم النعاس ليغفوان على اريكة في فندق نابو فيلا في لاس فيغاس .

الدكتور محمد ذنيبات ابن (رجم الغراب )سابقا الجديّده اليوم ، المهندس شحادة ابو هديب ابن مروج خلدا ، يجمعهما حب البلد والعمل الدؤوب لانجاح اهم شركتين في الاردن هما شركة الفوسفات وشركة البوتاس .

غير ذلك يجمعهما الاحترافيه في استعمال المنجل في حصيدة القمح ، مثلما يتقنان تماما (رجيد الشُمُل ) على (الترولا) .

شحادة ابن سهول عمان لديه قدرة عالية على استعمال (المذراه)،فحين احترف حب البلد والاخلاص له ادرك ان (المنجل والمذراه ) اقصر الطرق لحب الوطن ، ذلك ان الطريق من هارفرد ستأخذك حتما الى التايم سكوير في نيويورك ، قبل ان تحط بك على هضاب خلدا .

وكذا الدكتور محمد ذنيبات ، الذي آمن ان (خشم العقاب) هي المنحنى الذي يصل بين نجيع القلب ورئة الوطن ، وان (الجديّده) هي الطريق المختصر الى المستقبل ، لا هارفرد ، وان ابناء البلد هم عسكرها وسادتها وهم الاقدر على تحليل لغة الرعاة ، وهم الاعرف باسماء القرى الصغيرة الرابضة على كتف الطفيله ، وهم الاقدر على قيادة الحوار الوطني حين يختفي الرجال التي تبحث عن اقرب رحلة طيران الى سويسرا .

ليس وحده النبيذ المعتّق، ثمة رجال معتّقون، ذنيبات وابو هديب منهم ، يفرقون بين رائحة القيصوم والشيح ، يعرفان فن (السراحه) وكيف (يتحّون) لشلية الغنم، يعرفون مذاق (قرص الملّه) ، يفهمون تماما كيف (يُكبس) العقال على الشماغ ، يعرفون ايضا ماذا يعني ان يكون الشماغ مهدبا ولماذا .

رجال المسافات الطويلة ، ليس بهدف حرق الدهون ،بل بهدف حرق المراحل ، رجال السباقات ، ليس بهدف الفوز ،بل للفوز بالهدف ، هدف الوطن .

ذنيبات وابو هديب ،يشبهوننا تماما ، مشوا حفاة يوما ما ، وحين تحسنت الاحوال اشترى لهما والديهما( البوت ابو اصبع) ، تعاملوا مع (المرياع) كقائد فذّ ، قصّوا النعاج في موسم القصاص ، وتركو ضلة فوق ظهر (العبور) ، اشتبكوا في طفولتهم مع اعشاش الدويري ، فهموا لغة (التشبيك) على اصولها الاردنيه النقيه، بعيدا عن فذلكات الانجي اوز وربع البزنس .

ودخلوا في عراك طويل مع الذئاب ، ليخلّصوا غنمهم ، ( بالمقليعة) حينا ، وب (الدموس ) احيانا اخرى .

لانهم لا يعرفون الا لغة واحدة رغم اتقانهما للغة الانجليزية ، انها لغة الوطن ،بعيدا عن لغة (الكومش) لهذه الاسباب ، عبرا بالفوسفات والبوتاس الى بر الامان، حين طردا الذئاب عن شلية الغنم كانا يدركان ان لا شخص مؤهل لأن يموت ذودا عن غنمه الا الراعي ، حياة او موت ، هذه سر الخلطة السحرية التي ادت الى تسجيل نجاحات تلو الاخرى لاهم شركتين في الوطن .

ان تكون راعي فذّ تدافع بشراسة ذئب عن ما اؤتمنت عليه يساوي تماما ان تكون رئيس مجلس ادارة لشركة وطنية هي مستقبل الاردنيين .

ما احوجنا الى (الرعاة ) وابنائهم واحفادهم ليعبروا بنا الى المستقبل ، ذلك ان اصحاب النظريات الاقتصادية والرأسمال السياسي ستبحث عنهم في الظروف الصعبه ، وحين يعييك البحث ،سيخبرك المضيف انهم حجزوا على الفيرست كلاس الى اقرب مطار .