مقاله فاشله ومقولة (ما تقلقش)

مقاله فاشله ومقولة (ما تقلقش)

السفير نيوز – د.حسين العموش

منذ اليوم الاول حاولت كتابة مقال عن بطولات الشعب الفلسطيني ، لكنني فشلت ، اختفت من قاموسي كل الكلمات ، تقزمت الحروف ، وانحنت ، فسقطت كل الجمل .

اعترف بأن كل حروف اللغه العربية قد عجزت تماما لأن تنسج مقالة من قلب رغب ان يكتب مقالا مختلفا يقول فيه اي شئ للشعب الفلسطيني.. لكنه رفع الراية مستسلما ، فكل لغات الدنيا بأحرفها وجملها لن توصل ما في قلبي من اختلاط للمشاعر بين الفرح والبهجة والانبهار والصدمة والخوف معا .
في بداية مقالي كنت احاول ان ارسم صورة للبطل الفلسطيني الذي شمّر عن ذراعه وصنع اسلحة اعجزت العالم ، كنت اود ان ابدأ مقالتي عن اب فلسطيني ودّع طفلته في مقبرة الشهداء ، اخذ بندقيته على عجل وتوجه الى الجبهه ، كنت اود ان اكتب عن محمد ضيف الذي فقد زوجته وابنه وابنته في غارة سابقه ، فخرج مسرعا الى الجبهة.

كنت اود ان ابدع في وصف الممرضة التي وصلها زوجها شهيدا ، ففرحت به وزغردت .
كنت اود – لو يسعفني قلمي الجريح – ان اكتب عن جرحى يستشهدون في مستشفيات القطاع بلا ضمادات ، بلا مطهرات لجروحهم ، من يطهر ارواحنا يا فلسطين ؟
كنت اود ان اكتب عن طفلة اقتادوها الصهاينه وهي تبكي بخوف وفزع شديدين .. اقسم انها (شلعت) قلبي من مكانه .
عن ماذا اكتب اذا ؟
هل اكتب عن عبارة سمعتها وعلقت في ذاكرتي من ابناء غزة (ما تقلقش) ، نعم منذ اليوم لن اقلق .. منذ اليوم ولدت لدي ارادة من فولاذ ، منذ اليوم تغيرت ، تغير فيّ كل شئ ، بعد ان وصلنا كأمة الى قعر البئر ، من الخذلان واليأس والاحباط ها هو الفلسطيني ينتشلنا الى باب البئر من جديد ، ها هو يوسف الذي خذلوه اخوته يخرج من جديد.

يا ابناء الشعب الفلسطيني البطل اعلن لكم عن فشلي في كتابة مقالة .. يا ابناء مخيم الشاطئ الذي زرته مرارا ، يا ابناء حي الشجاعية ، يا ابناء خان يونس ، اليوم تخونني الكلمات ، وتفلت مني التعابير وتهرب من قاموسي الكلمات كما هربت امامكم الفئران .

اليوم انتم تعيدون بناء ثقة الامة العربية والاسلامية بالجيل الصاعد ، نعم جيل صاعد بنى من لا شئ انتصارا هزّ العالم ، واعاد الروح المعنويه لامة كادت ان تموت روحها .

عرفت الان ،الان فقط ماذا تعني عبارة : (ما تقلقش) .