د.محمد كامل القرعان يكتب: الأمن القومي الاردني الفلسطيني المشترك

د.محمد كامل القرعان يكتب: الأمن القومي الاردني الفلسطيني المشترك

السفير نيوز

حب الشعب الفلسطيني للاردن لا يقل عن حبه لبقية البلدان العربية ، بل إن حبه وتقديره له خصوصية نابعة من الجوار الجغرافي وتاريخ التعايش المشترك والنضال المشترك في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إنه حب نابع من عمق الانتماء القومي للفلسطينيين ومن إحساس الفلسطينيين بأن نهضة الاردن وتطوره واستقراره يعني نهضة فلسطين والأمة العربية واستقرارها وانتكاسة الاردن لا قدر الله انتكاسة لفلسطين وللعروبة وللاستقرار في المنطقة.
صحيح أن العلاقة بين الأردن وحركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية (حماس ) تخللتها أزمات وتوترات، بسبب تصرفات ومواقف الاخيرة وأطراف محسوبة عليها ، فيها إساءة فعلية للاردن ،ولكن في النهاية كان صوت العقل والمصلحة المشتركة يتغلبان على المشاكل وتعود العلاقة علاقة طبيعية وسوية بعض الشيء تؤَسَس على التقدير والاحترام للشعب الفلسطيني ، وتفهم الاردن لخصوصية الحالة الفلسطينية وتشابك وتعقد مكوناتها وثقل التأثيرات الخارجية عليها.
خصوصية وعمق العلاقة بين الاردن وفلسطين تسمح لنا بالحديث عن الأمن القومي المشترك بين الطرفين ،والذي يفترض أن لا تؤثر عليه أي خلافات سياسية عابرة . والمقصود بذلك وقوف الاردن شعبا وقيادة إلى جانب فلسطين في كل ما يمس مصلحتها وايضا أمن الاردن القومي ، سواء تهديد أمنها وشعبها أو إرهاب الجماعات المتطرفة.
وفي نفس الوقت وقوف الاردن شعبا وقيادة إلى جانب الشعب الفلسطيني لحماية أمنه القومي في قضيتي وحدة الشعب ووحدة أراضي السلطة والدولة الفلسطينية المنشودة من جانب ومساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه من جانب آخر.
كانت السنوات الأخيرة الأكثر سوءا للعلاقة بين الطرفين حماس والاردن . واشتدت وتيرة خطاب التحريض والتشكيك بالمواقف والسياسات الاردنية من قبل حماس لتنتقل من المستوى الرسمي للمستوى الشعبي وللمنابر الإعلامية لدرجة شيطنة الدولة الاردنية بكاملها ،وفي المقابل تشكيك بعض المنابر والأطراف المحوبين على حماس بموقف الاردن من القضية الفلسطينية لاس سيما ما تتعرض لها غزة من عدوان همجي عليها من دولة الاحتلال .كان التداخل والارتباط بين حركة حماس والإخوان المسلمين وعلاقة حركة حماس بمحاور خارجية وايرانية معادية للاردن الدور الأكبر في توتير العلاقة بين الطرفين ، ثم دخل عامل جديد وهو علاقة أطراف حزبية في الاردن مع حماس المعارضة للدولة الاردنية وللرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن لتصبح العلاقة أكثر تعقيدا وإرباكا وخصوصا بعد تحريض حماس وقياداتها لاحداث فوضى في الاردن والتي رفضها الاردن وحركة فتح الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
الطرف الفلسطيني دائما هو المتضرر من أي توتير في العلاقة مع الاردن ، صحيح قد يضر الاردن بعض السلوكيات والمواقف لحركة حماس ومن يتشيع لها في الداخل وخصوصا في الجانب الأمني وفيما يتعلق بالتباس الوضع في الشارع والمسيرات والمظاهرات،ولكن في الحسابات الاستراتيجية فإن حركة حماس ومن يدعمها في الداخل والخارج سيكون هو الخاسر الأكبر من الخلاف مع الاردن ،حيث لا توجد دولة عربية أو غير عربية يمكنها ملء فراغ غياب الاردن أو تراجعها عن دورها في الشأن الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني لا يقبل بأي شكل من الاشكال أن تتضرر المصالح القومية الاردنية أو تصاب بأي سوء ،بغض النظر عن اي تصرفات لأن هذا أمر داخلي يخص الاردن وهو الأقدر على تقييم أوضاعه الداخلية واختيار ما يناسبه من الفعل ،وأن الفلسطينيين لا يقبلون أن تُمس امن الاردنيين حتى وان وتواطأ عليهم وخذلهم الغير.
والفلسطينيين يستشعرون خطورة ما تتعرض له الاردن من أعمال للتحريض على الإرهاب ، وإذ يدينون هذه الأعمال فإنما لإدراكهم الأهداف الخبيثة للجماعات ومن يمولها ، وهي أهداف تتعدى حدود الاردن لتمس الأمن القومي العربي برمته ،ذلك أن الإرهاب والإرهابيين ومن يدعمهم وبعد أن عاثوا خرابا ودمارا في سوريا والعراق وليبيا واليمن ، وبعد أن تمكن الشعب الاردني وقيادته من تجنيب الاردن مصير الدول المُشار إليها ،وبعد أن استشعروا أن الاردن عصيا على المؤمرات ، بعد كل ذلك يسعون لضرب الاستقرار في الاردن ومن خلاله يسعون لتخريب أكبر وأهم قلعة عربية يمكن المراهنة عليها لاستنهاض المشروع الدولة الفلسطينية .
لقد رأينا كيف أن بعض الجماعات والاطراف والتي توظف الإسلام لتبرير تصرفاتها ذهبت لتقاتل في كل مكان في العالم إلا فلسطين التي تحتلها إسرائيل وتدنس فيها مقدسات المسلمين ، ورأينا كيف أن إرهاب هذه الجماعات ومن يدعمهم ويوجههم دمر دول عربية ،وقد دفعت القضية الفلسطينية ثمنا باهظا نتيجة أعمال هذه الجماعات.
عليه يصبح من الواجب الوطني والقومي على كل الشعوب العربية بكل فئاته وأحزابه ليس فقط إدانة الأعمال التحريضية لحماس ضد الاردن وساحاته والتي يتعرض لها الاردن بل التنسيق الكامل مع الدولة وأجهزتها الأمنية لمحاربة هذه الجماعات لأن كل عملية تستهدف الامن في الاردن لا تمس الاردنيين فقط بل تشكل أيضا طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني ، ،فعندما يدعم ويساند الاردن فإنما تساعد القضية الفلسطينية وحمي الأمن القومي العربي.