د. عُريب هاني المومني تكتب : الحملات الانتخابيّة الرقميّة: تحوّلٌ نحو الديمقراطيّة الإلكترونيّة

د. عُريب هاني المومني تكتب : الحملات الانتخابيّة الرقميّة: تحوّلٌ نحو الديمقراطيّة الإلكترونيّة

السفير نيوز
شهد العالم في السنوات الأخيرة تحوّلاً ملحوظاً في كافّة الحقول، حيث دخلت التكنولوجيا في مختلف المجالات: السياسيّة، القانونيّة، الاقتصاديّة، والاجتماعيّة. ومن أهم المجالات السياسيّة التي تأثرت بالتحوّل الرقميّ هي العمليّة الانتخابيّة، إذ أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يُمكن الاستهانة به في إدارة الحملات الانتخابيّة.
تُعتبر الحملة الانتخابيّة الرقميّة مفهوماً حديثاً يُشير إلى استخدام التكنولوجيا الرقميّة ووسائل التواصل الاجتماعيّ في بناء استراتيجيّة الحملة الانتخابيّة وإدارتها. فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعيّ والتكنولوجيا الرقميّة مثل مواقع التواصل الاجتماعيّ والبريد الإلكترونيّ والمواقع الإلكترونيّة من أبرز الأدوات المستخدمة في الحملة الانتخابيّة الرقميّة. وتُعدّ هذه الأدوات فعّالة في نشر الرسائل السياسيّة، والوصول إلى فئاتٍ واسعةٍ من الناخبين، بما في ذلك فئة الشباب التي تُعتبر فئة هامة في الانتخابات اليوم.
وللحملات الانتخابيّة الرقميّة العديد من الإيجابيّات، إذ تمتاز – إلى جانب الوصول إلى فئات واسعة من الناخبين- بالقدرة على تفاعلٍ أفضلٍ مع الناخبين، وكذلك جذب انتباههم بطريقةٍ شيّقةٍ ومُبتكرة، حيث يُمكن للمُرشّحين استخدام الفيديوهات التوضيحيّة، والمسابقات، والاستطلاعات؛ لتشجيع المشاركة الفعّالة في الحملة الانتخابيّة.
ويدخل في هذا النطاق ميزة أخرى وهي التفاعلية مع الجمهور؛ فيُمكن للناخبين التفاعل مع المرشحين والحملات الانتخابيّة من خلال التعليقات والمشاركة في النقاشات، ممّا يُعزّز الشفافية ويزيد من مشاركة الجمهور، ويُحفّزهم على المشاركة السياسيّة في حال كانت المُدخلات في هذه العمليّة تتناسب واحتياجات الناخبين وتوقّعاتهم.
ويُساهم استخدام التقنيات الرقميّة في إمكانيّة تحليل البيانات بدقّة أكبر وفي وقتٍ وجهدٍ وكلفةٍ أقل، حيث تُوفّر الحملات الرقميّة بيانات دقيقة حول تفاعل الناخبين مع الحملة، ممّا يُمكّن المُرشّحين من إجراء تعديلٍ على استراتيجيّاتهم أو برامجهم الانتخابيّة بناءً على تلك البيانات. فساهمت هذه الأدوات الرقميّة بولادة ما يُمكن تسميته بالمقرّ الانتخابيّ الافتراضيّ للمُرشّح.
ومع ذلك، تُواجه الحملات الانتخابيّة الرقميّة بعض التحديات، أبرزها مسألة الأمان الرقميّ وحماية البيانات الشخصيّة للناخبين. علاوةً على انتشار الأخبار الكاذبة والتلاعب الإلكترونيّ، فعلى الرغم من فعاليّة الوسائل الرقميّة في الوصول إلى الناخبين، إلّا أنّها قد تكون أيضاً بيئة خصبة لانتشار المعلومات غير الصحيحة والتضليل. لذا، يجب على المُرشّحين والجهات المعنية بالانتخابات العمل على تعزيز الوعي لدى الناخبين حول مخاطر الأخبار الكاذبة وتداعياتها على عمليّة الاقتراع، كما ينبغي وضع آليات فعّالة لمكافحة هذه الظاهرة؛ لضمان نجاح العمليّة الانتخابيّة.
أمّا خوارزميّات وسائل التواصل الاجتماعيّ فقد تُؤثّر على طريقة عرض الرسائل السياسيّة، ممّا قد ينعكس سلباً على فهم الناخبين للواقع السياسيّ، ومصداقيّة الحملات الانتخابيّة للمُرشّحين.
وبالتالي، فإنّ الحملات الانتخابيّة الرقميّة تُعدّ نقلةً نوعيّة في بناء استراتيجيّات الحملات الانتخابيّة وإدراتها وجزءاً أساسيّاً منها، إذ تُوفّر فرصاً جديدة للتواصل مع الناخبين وتُعزّز المشاركة الديمقراطيّة، وعلى المرشحين والجهات المعنيّة توجيه الجهود نحو تجاوز التحديات واستغلال الفرص التي تقدّمها هذه الوسائل بشكل فعّال.