محمد داودية يكتب : الذين علينا اتقاء شرهم !!

محمد داودية يكتب : الذين علينا اتقاء شرهم !!

السفير نيوز
الزمن طويل طويل، اعتمد الناسُ الجملةَ الخطأ، التي تجعل يد المحسن ترتجف قبل أداء احسانه، الجملة التي تحذر من الإحسان والمعروف وإغاثة الملهوف و مد يد العون وهي جملة «اتّقِ شرّ من أحسنت إليه». !!

لقد تم اسقاط شبه الجملة «من اللئام» منها، وهو ما جعل الجملة لا تستقيم مع المقاصد الكريمة النبيلة التي يتوجب على الناس أن يحققوها وأن يكرُسوها، لتظل سارية فينا، تحقق أنبل الأهداف وتقيل أصعب العثرات.

وكي لا يتمّ التعميمُ الظالم، الذي يحدّ من المعروف الواجب بين الناس، فقد حدد الإمام السخاوي، في «المقاصد الحسنة»، الفئةَ الساقطة، التي يجدر أن لا نُحسِن اليها، وأن نتقي شرَّها وغدرَها، وهي فئة اللئام حين قال: «اتّقِ شرّ من أحسنت إليه، من اللئام».

ويقتضي الإنصاف ألا نأخذ حالات النكران، فنقيس عليها. فلا يجب أن ننسى أن الإنسان منا، مرت عليه حالاتٌ لا تحصى، من العون والدعم والمساندة، هي الأصل والأساس بين الناس.

و مهما بذل اللئيم وحاول، أن يُغلِّب التطبعَ على الطبع، فإنه سينكشف.

يقول الشاعر الحكيم الحليم، زهير بن أبي سلمى:

وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ،

وَإِنْ خَالَها تَخفى عَلى الناسِ، تُعلَمِ.

وتعرفون حكاية الضابط التركي الذي اختار أحدَ «السَّقَطِ» فانتشله من الوحل والقاع، وجعله سائسا للخيل، لتصبح له كلمة عند سيّده الباشا، دفعت الوجهاء قبل البسطاء، إلى طلب توسطه ورضاه، ولما هبّ أحرارُ العرب، ثائرين على الظلم التركي الطوراني، وازاحوا الكرباج الطوراني عن ظهورهم وارواحهم، أمسك السائسُ الساقطُ، جامعُ روثَ الخيل والبغال، كرباجَ الباشا، وأخذ يضربه به ضربا مبرحا، والباشا يصرخ ويتحسر ويقول:

«اضرب يا نقا عيني، اضرب يا نقا عيني» !!