السفير نيوز
ليست كل خسارة هزيمة، كما أن النصر ليس دائمًا دليلًا على الصواب. هناك خسائر تُربّينا أكثر مما تُحزننا، وتُعيد ترتيب أولوياتنا بطريقة لا يفعلها أي نصرٍ سريع أو مجدٍ عابر.
أحيانًا نخسر ونحن على حق، ونُقصى ونحن أنقياء، ونُساء فهمنا لأننا لم نُجيد تلميع صورتنا كما يفعل الآخرون. نخرج من الموقف مثقلين بالخذلان، لكننا نعلم في أعماقنا أننا لم نبع ضمائرنا، ولم نكسر قناعاتنا. هذه الخسارة لا تُهين، بل تُطهّر.
الخسارة التي لا تشبه الهزيمة هي تلك التي تُعلّمك أن النقاء ليس ضعفًا، وأن الثبات على المبدأ في زمن المساومات بطولة من نوعٍ آخر. هي لحظة إدراكٍ بأنك لم تُخلق لتُرضي الجميع، بل لتبقى صادقًا مع نفسك مهما كان الثمن.
قد يُغلق الناس الأبواب في وجهك، لكن الأبواب التي تُفتح من الداخل — من قلبك وضميرك — تبقى أوسع من كل المنافذ.
وقد يرحل البعض حين تختار الوضوح، لكنك ستكسب نفسك، وستعرف أن البقاء الحقيقي ليس مع من يصفّق لك، بل مع من يُشبهك.
في عالمٍ يحتفي بالنجاح السريع ويقيس القيمة بالأضواء، تبقى خسارة الكاذبين من حولك مكسبًا خفيًا، وانسحابك من الزحام اختيارًا نبيلاً لا ضعفًا.
فالكرامة لا تُقاس بعدد الانتصارات، بل بقدرتك على الوقوف بعد الانكسار دون أن تفقد إنسانيتك.
الخسارة لا تشبه الهزيمة حين تخرج منها أكثر نضجًا، أصفى روحًا، وأقرب إلى ذاتك.
ولعل ما نخسره أحيانًا هو ما يُنقذنا من ضياعٍ أكبر، ويقودنا إلى طريقٍ أصدق.
فلتكن خسارتك شريفة، لأنها إن كانت كذلك، فهي نصرٌ مؤجل… نصرٌ لا يراه الجميع، لكنه يراك، ويمنحك سلامًا لا يُشترى.

